“The Warning” هو فيلم وثائقي من إنتاج قناة Frontline، يسلط الضوء على الأحداث التي سبقت الأزمة المالية العالمية في عام 2008. يركز الفيلم بشكل خاص على شخصية بروكسلي بورن، رئيسة هيئة تداول السلع الآجلة (CFTC) خلال فترة التسعينيات، ومحاولاتها لتحذير الحكومة من المخاطر الكامنة في سوق المشتقات المالية غير المنظمة. من خلال روايات مباشرة من الشخصيات الرئيسية والمقابلات مع الخبراء، يقدم الفيلم نظرة عميقة على الصراع بين بورن وأبرز صناع السياسات الاقتصادية في ذلك الوقت، مثل آلان غرينسبان وبوب روبين ولاري سومرز.
الخلفية التاريخية والأهمية
يبدأ الفيلم الوثائقي بتقديم لمحة عن الاقتصاد الأمريكي في التسعينيات، وهي فترة ازدهار اقتصادي وصفت بأنها “العصر الذهبي” للأسواق المالية. في ذلك الوقت، كان آلان غرينسبان، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، يُعتبر “الساحر الاقتصادي”، وهو شخصية محورية في السياسات الاقتصادية الأمريكية. كان غرينسبان يؤمن بقوة بحرية السوق وعدم التدخل الحكومي، وهو ما عززه فلسفة ليبرالية استمدَّها من مؤثراته الفكرية مثل أيين راند. ومع ذلك، فإن هذه الفلسفة كانت ستؤدي إلى نتائج كارثية في المستقبل.
في هذا السياق، ظهرت بروكسلي بورن، وهي محامية ذات خبرة طويلة في أسواق المال، لتولي منصب رئيسة هيئة تداول السلع الآجلة (CFTC). كانت بورن تؤمن بضرورة تنظيم الأسواق المالية لحماية المستثمرين والاقتصاد الأوسع. ومع ذلك، واجهت مقاومة شديدة من قبل الشخصيات المؤثرة في واشنطن، بما في ذلك غرينسبان وبوب روبين ولاري سومرز.
صعود آلان غرينسبان
آلان غرينسبان كان شخصية محورية في السياسات الاقتصادية الأمريكية منذ السبعينيات. بدأ حياته المهنية كمستشار اقتصادي للرئيس جيرالد فورد، ثم أصبح رئيسًا للاحتياطي الفيدرالي في عام 1987. كان غرينسبان يؤمن بقوة بحرية السوق وعدم التدخل الحكومي، وهو ما عززه فلسفة ليبرالية استمدَّها من مؤثراته الفكرية مثل أيين راند.
على الرغم من أن غرينسبان كان يشغل منصبًا حكوميًا يتطلب منه تنظيم الأسواق المالية، إلا أنه كان دائمًا يعارض التنظيم الصارم. كان يعتقد أن الأسواق قادرة على تنظيم نفسها بنفسها، وأن التدخل الحكومي يمكن أن يؤدي إلى تشويه الأسواق. هذه الفلسفة كانت ستؤدي إلى نتائج كارثية في المستقبل.
بروكسلي بورن ورؤيتها للتنظيم
بروكسلي بورن كانت شخصية استثنائية في عالم السياسة والمال. بدأت حياتها المهنية كمحامية متخصصة في أسواق المال، وعملت مع بعض أبرز الشركات القانونية في الولايات المتحدة. في عام 1996، تم تعيينها رئيسة لهيئة تداول السلع الآجلة (CFTC)، وهي وكالة صغيرة نسبيًا لكنها كانت تتمتع بسلطة تنظيم المشتقات المالية.
من اللحظة الأولى، أدركت بورن المخاطر الكامنة في سوق المشتقات المالية غير المنظمة. كانت هذه السوق تنمو بسرعة، وكانت مليئة بالمخاطر بسبب عدم الشفافية وغياب القواعد التنظيمية. قررت بورن أن تتحرك لتنظيم هذه السوق، لكنها واجهت مقاومة شديدة من قبل الشخصيات المؤثرة في واشنطن، بما في ذلك غرينسبان وروبين وسومرز.
المواجهة مع غرينسبان وروبين
حاولت بورن تقديم مقترح لتنظيم المشتقات المالية، لكنها واجهت مقاومة شديدة من قبل غرينسبان وروبين وسومرز. كان الثلاثة يؤمنون بحرية السوق وعدم التدخل الحكومي، وكانوا يعتبرون أن تنظيم المشتقات المالية سيؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي.
عقدت مجموعة عمل خاصة برئاسة بوب روبين اجتماعًا طارئًا لمناقشة مقترح بورن. في هذا الاجتماع، تعرضت بورن لضغوط شديدة من قبل غرينسبان وروبين وسومرز لإلغاء مقترحها. قال غرينسبان لبورن إن الأسواق قادرة على تنظيم نفسها بنفسها، وإن التدخل الحكومي سيكون له تأثير سلبي على الاقتصاد.
انهيار صندوق LTCM
في عام 1998، حدثت أزمة مالية كبرى عندما انهار صندوق LTCM، وهو صندوق تحوط كبير كان يستخدم المشتقات المالية بشكل مكثف. كان هذا الانهيار دليلًا واضحًا على المخاطر الكامنة في سوق المشتقات المالية غير المنظمة. ومع ذلك، لم يتم اتخاذ أي إجراءات تنظيمية بعد هذه الأزمة.
بدلاً من ذلك، تم الضغط على البنوك الكبرى لإنقاذ صندوق LTCM. في هذا السياق، تم تجاهل تحذيرات بورن تمامًا، وتم إيقاف محاولاتها لتنظيم السوق.
الأزمة المالية العالمية في 2008
بعد عقد من الزمان، تحققت مخاوف بورن عندما حدثت الأزمة المالية العالمية في عام 2008. كانت المشتقات المالية غير المنظمة أحد الأسباب الرئيسية لهذه الأزمة. أدت هذه الأزمة إلى انهيار العديد من المؤسسات المالية الكبرى، وخسائر كبيرة للمستثمرين والمستهلكين.
في أعقاب الأزمة، اعترف غرينسبان بأنه كان مخطئًا في إيمانه بحرية السوق وعدم التدخل الحكومي. قال غرينسبان أمام الكونغرس إنه اكتشف “خللًا” في فلسفته الاقتصادية، وإنه كان مخطئًا في افتراضه أن الأسواق قادرة على تنظيم نفسها بنفسها.
الدروس المستفادة
في نهاية الفيلم الوثائقي، يتم تسليط الضوء على الدروس المستفادة من هذه التجربة. أظهرت الأزمة المالية العالمية أهمية التنظيم الحكومي للأسواق المالية، وأهمية وجود شفافية في المعاملات المالية. كما أظهرت أن الاعتماد الكامل على حرية السوق يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية.
تؤكد بورن في تصريحاتها الأخيرة أن المخاطر الكامنة في سوق المشتقات المالية غير المنظمة لا تزال قائمة، وأنه يجب اتخاذ إجراءات تنظيمية لمنع تكرار الأزمات المالية في المستقبل.
النقاط الرئيسية
1. **دور آلان غرينسبان**: كان غرينسبان يؤمن بحرية السوق وعدم التدخل الحكومي، وهو ما أدى إلى نتائج كارثية.
2. **بروكسلي بورن**: كانت بورن تؤمن بضرورة تنظيم المشتقات المالية، لكنها واجهت مقاومة شديدة.
3. **صندوق LTCM**: كان انهيار صندوق LTCM دليلًا واضحًا على المخاطر الكامنة في سوق المشتقات المالية غير المنظمة.
4. **الأزمة المالية العالمية**: كانت المشتقات المالية غير المنظمة أحد الأسباب الرئيسية للأزمة المالية العالمية في عام 2008.
5. **الدروس المستفادة**: أظهرت الأزمة أهمية التنظيم الحكومي للأسواق المالية وأهمية الشفافية.
الخاتمة
“The Warning” هو فيلم وثائقي مهم يسلط الضوء على المخاطر الكامنة في الأسواق المالية غير المنظمة، وعلى أهمية التنظيم الحكومي لحماية الاقتصاد الأوسع. من خلال قصة بروكسلي بورن، يقدم الفيلم درسًا قيمًا حول أهمية الاستماع إلى التحذيرات واتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع الكوارث الاقتصادية.