مقدمة
يستكشف الفيلم الوثائقي “الأجندة: رؤيتهم – مستقبلك (2025)” فكرة المستقبل التكنوقراطي العالمي، ويقيم مقارنات مباشرة مع رؤية ألدوس هكسلي في روايته “عالم جديد شجاع” [00:18]. يطرح الفيديو فرضية أن نخبة قوية تسعى للسيطرة على كل جانب من جوانب الحياة البشرية من خلال آليات تكنولوجية واجتماعية ومالية متقدمة.
1. المستقبل الديستوبي والحكم التكنوقراطي
يبدأ الفيديو بتسليط الضوء على نبوءة هكسلي بعالم تخضع فيه الإنسانية لاختراعاتها وأنظمتها الخاصة، ويقدم مفهوم “التكنوقراطية”، وهي حركة نشأت قبل قرن من الزمان تقريبًا، ودعت إلى أن يتولى الحكم خبراء وعلماء مختارون بدلاً من السياسيين المنتخبين ديمقراطيًا. يجادل الفيلم بأن هذه الأيديولوجية، التي كانت تعتبر هامشية في السابق، وأصبحت الآن في صميم الأجندة العالمية التي تدفع نحوها مؤسسات كبرى.
2. مركزية السيطرة
يزعم الفيلم الوثائقي وجود توجه قوي نحو العولمة والمركزية المطلقة للسلطة في أيدي مسؤولين غير منتخبين في المنظمات فوق الوطنية، ويدعي أن هذه النخبة تسعى للسيطرة على موارد العالم، ويستشهد بالمقولة المنسوبة إلى المنتدى الاقتصادي العالمي بأنه بحلول عام 2030، “لن يمتلك الناس شيئًا وسيكونون سعداء” ، كدليل على نيتهم لإلغاء الملكية الفردية وخلق حالة من الاعتماد الكامل على الدولة.
3. أدوات السيطرة الرقمية
يفصّل الفيديو الأدوات التي سيعتمد عليها نظام السيطرة العالمي المزعوم:
- الهويات الرقمية والمراقبة الشاملة: تُقدَّم الهويات الرقمية كعنصر أساسي في هذا المشروع، حيث تسمح برصد وتخزين وتحقيق الدخل من كل تفاصيل حياتنا، مما يلغي مفهوم الخصوصية تمامًا. يشير الفيديو إلى أن تقنيات مثل التعرف على الوجه والأجهزة الذكية في المنازل والمركبات تجمع البيانات بالفعل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع .
- العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs): توصف هذه العملات بأنها نظام مالي جديد من شأنه أن يمنح البنوك المركزية سيطرة مطلقة على القواعد واللوائح، مع القدرة التكنولوجية على فرضها، ويحذر الفيلم من أن هذا قد يؤدي إلى “معسكر اعتقال رقمي”، حيث يمكن برمجة الأموال لاستخدامات محددة، ويمكن حرمان الأفراد من الوصول إلى السلع والخدمات بناءً على عوامل مثل بصمتهم الكربونية .
- الذكاء الاصطناعي: يُناقش الذكاء الاصطناعي كأداة قوية للسيطرة الاجتماعية، مع إمكاناته الهائلة في المراقبة الكاملة ودوره في نظام “انعدام الثقة” (Zero Trust)، حيث يعتمد الوصول إلى الخدمات والسلع على الهوية الرقمية وأرصدة الكربون.
4. رواية تغير المناخ كأداة سياسية
الحجة المركزية في الفيلم هي أن رواية “أزمة المناخ” هي “كذبة هائلة” ومناورة سياسية لفرض هذا النظام العالمي الجديد، ويزعم أن فكرة أن ثاني أكسيد الكربون الناتج عن النشاط البشري يمثل مشكلة لا أساس لها من الصحة إلى حد كبير، مستشهدًا بأدلة على أن ثاني أكسيد الكربون ضروري للحياة وأن الظواهر الجوية المتطرفة لا تزداد . ويشير إلى أن أجندة تغير المناخ تُستخدم لتبرير السيطرة على الغذاء والطاقة والمال .
5. التأثير على الطاقة والغذاء
ينتقد الفيديو التوجه نحو “صافي الانبعاثات الصفري” (Net Zero) ويصفه بأنه “انتحار اقتصادي”، سيؤدي إلى إفقار الناس العاديين وتراجع التصنيع. يجادل بأن البنية التحتية والتكنولوجيا اللازمة لتوفير إمدادات ثابتة من الكهرباء المتجددة غير موجودة، مما سيؤدي حتمًا إلى تقنين الطاقة . كما يزعم الفيلم وجود “حرب عالمية على الزراعة”، تهدف إلى استبدال الغذاء الطبيعي ببدائل مُصنَّعة في المختبر، وبالتالي تركيز السيطرة على الإمدادات الغذائية .
6. المؤسسات العالمية والتلقين العقائدي
يتهم الفيلم الوثائقي منظمات مثل الأمم المتحدة (UN)، ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، والمنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) بدفع هذه الأجندة.
- الأمم المتحدة: يشير إلى أن خطة الأمم المتحدة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة (SDGs) هي “مخطط” لجرد ومراقبة جميع الموارد العالمية والبشر .
- منظمة الصحة العالمية: يحذر من أن معاهدة الجوائح التي تسعى إليها المنظمة تهدف إلى منحها سلطات غير مسبوقة.
- التغلغل المؤسسي: يدعي الفيلم أن وسائل الإعلام والمجالس المحلية والجامعات هي جزء من هذا النظام، حيث تروج لرواية موحدة وتقمع الأصوات المعارضة]. كما يجادل بأن الأطفال يتم تلقينهم هذه الأيديولوجيات، بما في ذلك الخوف من تغير المناخ والسياسات الجندرية.
7. معاداة الإنسانية وما بعد الإنسانية (Transhumanism)
يختتم الفيديو بالإشارة إلى أن هذه الأفكار تنبع من نظرة عالمية “معادية للإنسانية”، حيث يُنظر إلى البشر على أنهم آفة على الكوكب. ويحذر من “ما بعد الإنسانية”، أي زرع التكنولوجيا في الأجسام البشرية، باعتبارها “القطعة الأخيرة في لغز” السيطرة الكاملة.
الخاتمة والدعوة للعمل:
في نهايته، يشجع الفيديو المشاهدين على مقاومة هذه التغييرات، مؤكدًا على أهمية الحقيقة والحرية والإرادة الفردية في مواجهة هذه الأجندة .
رأي صاحب المدونة:
بعض الجوانب المذكورة في الفيديو لا أتوقع أنه مخطط لها بهذه الدقة، حيث إنه لا توجدقيادة موحدة للعالم حتى تكون لديها رؤية واحدة، ونحن نعلم أن هناك خلافات وصراعات قوية بين الدول الكبرى في المجالات الاقتصادية والسياسية، هناك أمور تتحقق من ناحية مثلاً تراجع الخصوصية وتوسع سيطرة التقنية وغيرها من المذكور في الوثائقي، وريما هذه التطورات التكنولوجية يتم استغلالها من بعض الأنظمة والحكومات في السيطرة على الشعوب وإدارتها، لكن لها جوانب إيجابية أيضاً لا تخفى على الجميع، مثل حفظ النظام وتسهيل الحياة وتوفير الخدمات بسلاسة وغيرها، الفكرة العامة من الوثائقي التي تحاول إثبات أن هناك حفنة من البشر يقودون الكوكب كله وفق رؤيتهم لا أعتقد أنها ممكنة وصحيحة في ظل التشظي العالمي والصراعات الكبيرة في العالم، كما أن الفكرة التي ذكرها حول تغير المناخ ومحاولة إنكارها جملة وتفصيلاً لم يوفق فيها الوثائقي، لأن التغير ملاحظ وبقوة، فمثلاً في السنوات الأخيرة بدأت الأعاصير تزداد وتيرتها بشكل متصاعد لم يحدث من قبل، وهناك تلوث واسع في الكثير من دول العالم لدرجة أن الجو يصبح خانقاً، والكثير من المشاهدات التي لا يمكن نكرانها بهذه الطريقة.